تاريخ النشر : 25-09-2021
المشاهدات : 1561
السؤال
سؤال هام معلمتي واحتاج الي رد سريع لانه به شبهات كثيرة جزاك الله خيرا

أكذوبة عذاب القبر.

من أكثر الخرافات التي صدّقها #المسلمون على مر العصور ومن أكثرها رعباً، هي أكذوبة #عذاب_القبر!!
هذه الأكذوبة التي جعلت السواد الأعظم من #المسلمين يعيشون في حالة رعب بكل معنى الكلمة، يخافون من مجرد ذكر الموت والقبر، لأنه بمفهومهم الذي أوصله لهم كهنة الدين، أن للقبر ضغطة لن ينجوا منها أحد، كالحديث الذي في كتب التراث ﴿للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ﴾.
وفي أول ليلة في القبر هناك #منكر_ونكير سيسألان الميت ﴿من ربك، ما دينك....﴾
وفي حال عدم الإجابة فيُضرب بمرزبّة من حديد تودي به سبعين خريفاً تحت الأرض!!!
وأن الملكين ينزلان على الميت فور ردم التراب عليه، وقبل مغادرة حتى المشيّعين، كحديث ﴿إسألوا لأخيكم الثبات فإنه الآن يُسأل﴾!!
حتى في خطبهم ودروسهم يتم التركيز على عذاب القبر أكثر من نعيم القبر، مع أن كل هذه القصص خرافة سواءً النعيم أو الجحيم!!
لا أدري لماذا يصرّون على تصوير #الله على حبه للتعذيب، لماذا يخترعون القصص ويخوّفون بها السواد الأعظم من الناس، لماذا يُصرّون على إظهار الله بصورة مرعبة، ولمصلحة من!!!
كل ما يتعلق بمسألة عذاب القبر ونعيمه، جاءت في كتب التراث فقط.
فالقرآن لم يأتي على ذكر عذاب القبر ولا في أية آية، فهل نسي الله أن يخبرنا بذلك وتذكره من ألّفوا الأحاديث!؟
أكبر كذبة دمّرت عقول المسلمين وجعلتهم يعيشون في خوف ورعب هي هذه الكذبة.
فلو كان للقبر عذاب، لذكر الله لنا ذلك في كتابه، الذي فصّل وبيّن لنا فيه كل شيء.
﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ 👈تِبْيَٰنًا لِّكُلِّ شَىْءٍ👉 وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ﴾ النحل 89
جعلوا عذاب القبر يقع على #المسلم قبل غيره ولأبسط وأتفه الأشياء، فعدم الإستبراء من البول يستوجب عذاب القبر!!!
كحديث: (مر النبي على قبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من البول، وفي لفظٍ: لا يستتر من البول، فأخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ثم غرز على كل قبرٍ واحدة وقال: لعله يخفف عنهما ما لم تيبسا﴾ متفق عليه.
فتصور يا رعاك الله، أن عدم الإستبراء من البول أحد الأفعال المسببة لعذاب القبر!!!
بينما #القرآن ينفي وجود ما يُسمى بعذاب القبر، ويخبرنا الله أنه سيحاسب عباده يوم القيامة، وأنه لا حساب قبل #يوم_القيامة.
إستند التراث في مسألة عذاب القبر إلى بعض الآيات وفسروها بما يتوافق مع فكرهم.
قالوا أن دليل عذاب القبر، في قوله تعالى:
﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ السجدة 21
فقالوا أن العذاب الأدنى هو عذاب القبر، وأن العذاب الأكبر هو عذاب الآخرة!!!
هذا الكلام غير صحيح، فالمقصود بالعذاب الأدنى في هذه الآية هو عذاب الدنيا، سواءً عذاب نفسي أو جسدي، فكيف يكون المقصود عذاب القبر، والله يقول في آخر الآية ﴿لعلهم يرجعون﴾!!!!
يرجعون من ماذا وعن ماذا؟
كيف يرجعون وهم أموات حسب التفسير التراثي؟
فالمقصود هو عذاب الدنيا، ولعلهم يرجعون أي لعلهم يتوبون ويرجعون إلى ربهم قبل الموت وقبل فوات الأوان.
أيضاً إستدلوا على وجود عذاب القبر، في قوله تعالى:
﴿ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوٓا۟ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ﴾ غافر 46
مع أن الآية واضحة، والعرض ليس معناه العذاب، بل المشاهدة، كما في قوله تعالى ﴿وَعُرِضُوا۟ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍۭ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا﴾ الكهف 48
وقوله تعالى ﴿ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا﴾ معناها عذاب الدنيا كما في قوله تعالى عن عذاب آل فرعون ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَٰتٍ مُّفَصَّلَٰتٍ فَٱسْتَكْبَرُوا۟ وَكَانُوا۟ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ﴾ الأعراف 133
لأنه في #القبر لا توجد أوقات (غدواً وعشيا) كما هو الحال في الدنيا، وهذا العذاب هو عذاب الدنيا وهو مصداق لدعوة موسى على آل فرعون، قال تعالى:
﴿وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ يونس 88
أم عبد:
فـ الله سبحانه وتعالى لم يذكر لنا عذاب القبر لأبي لهب وهو أكثر من عادا رسول الله وحارب دينه، بل قال ﴿سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾
وسيصّلى هي للمستقبل، أي أنه عندما تقوم الساعة سوف يُعذب في نار ذات لهب.
ولم يذكر لنا عذاب القبر لفرعون، فقال تعالى ﴿فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءَايَةً﴾
هل عجز الله أو نسي أن يذكر لنا عذاب القبر الذي سيقع على #أبي_لهب وفرعون!؟
هل سيُنظرهم إلى يوم القيامة، وهم من أشد من كفر به وحاربوا دينه، ولا يُنظر عباده الذين آمنوا به، بل وسيعذبهم ويروّعهم في القبر بما يسمى ضمة القبر وعذاب القبر، وسيعذب في القبر من لم يستبرئ حتى من البول!!!
هل سينتظر الله سبحانه وتعالى #إبليس إلى يوم القيامة، ولا يُميته حتى يذيقه من عذاب القبر، ولا ينتظر عباده الذين آمنوا به!!؟
مالكم كيف تحكمون!!!
بل أن هناك آيات صريحة وواضحة، يثبت الله لنا فيها، أن العذاب يقع على من إستحقه يوم القيامة، وكذلك النعيم يأتي لمن إستحقه يوم القيامة، فلا حساب ولا عذاب قبل يوم القيامة.
قال تعالى:
✅ ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ﴾ آل عمران 185
يخبرنا الله في هذه الآية أن الحساب سواءً نعيم أو جحيم، سيكون يوم القيامة ولا يوجد حساب قبل يوم القيامة.
✅ ﴿إِنَّ ٱلْأَبْرَارَ لَفِى نَعِيمٍ ۝ وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِى جَحِيمٍ ۝ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّين﴾ الإنفطار 13-14-15
وهنا يخبرنا الله أيضاً أن المكافأة بالنعيم أو العقاب بالجحيم سيكون يوم القيامة، ولن يكون أي شي من نعيم أو جحيم في القبر.
✅ ﴿قَالُوا۟ يَٰوَيْلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ﴾ يس 52
هذا خطاب من كفر بالله، وكذّبوا بيوم القيامة، ﴿يَٰوَيْلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا﴾ هذا يعني أنهم في القبر لم يكونوا يشعروا بأي شيء، لا بنعيم ولا بجحيم ولا غيره، فقد كانوا نائمون وفي سبات في قبورهم، وعندما بعثهم الله يوم القيامة، علموا وتيقّنوا أن هناك عذاب، فهنا عنصر المفاجأة أنهم تفاجئوا بصدق الوعيد.
✅ ﴿إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا﴾ النبأ 40
وهنا أيضاً عنصر المفاجأة للكفار عندما يروا أن العذاب حقيقة، فيتحسّرون على ما فاتهم وعلى ما أجرموا في الدنيا، فلو كان هناك عذاب قبر كما يدّعي الذين في قلوبهم مرض، لما تفاجئوا من وجود العذاب يوم القيامة، لأنه من المفترض أن المفاجأة الأولى حصلت لهم في القبر!
✅ ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ﴾ آل عمران 56
ذكر الله لنا في هذه الآية عذاب الدنيا من عيشة ضنكة وعذاب الآخرة، فلماذا لم يذكر لنا عذاب القبر؟!
✅ ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُوا۟ كِتَٰبِيَهْ ۝ إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَٰقٍ حِسَابِيَهْ﴾ 
﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَٰبَهُۥ بِشِمَالِهِۦ فَيَقُولُ يَٰلَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَٰبِيَهْ ۝ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ﴾ الحاقة
هذه من أكثر الآيات التي تثبت أن عذاب قبر مجرد خرافة من خرافات كهنة الدين.
فيوم القيامة وعندما يستلم المؤمن كتاب أعماله بيمينه، فالآية تدل على مدى فرحه وسعادته، لأنه كان يظن بعدم قبول أعماله وأنه سيدخل النار.
وفي المقابل عندما يستلم من أجرم مع الله، كتاب أعماله بشماله، ويرى العذاب أمامه، يتفاجأ ويقول يا ليتني لم أستلم كتابي ولم أعرف مصيري المحتوم.
فلو كان هناك عذاب قبر، لما تفاجئ كل من المؤمن والمجرم.
فالمؤمن من المفترض أن يكون مرتاح البال ومطمئن لأنه يعرف مصيره، لأن قبره روضة من رياض الجنة ﴿كما تقول الرواية﴾ لذلك لا يستغرب من تلقي كتابه بيمينه!!
أما المجرم من المفترض أن يكون قد لقي من عذاب القبر ما لقي!! لذلك هو مُهيّأ ﴿نفسياً على الأقل﴾ للعذاب الأكبر، فلا يستغرب أنه إستلم صحيفة أعماله بشماله ولا يستغرب عند رؤية #جهنم، لأنه يعرف ما ينتظره من خلال ما وقع عليه من عذاب في القبر، لأن قبره حفرة من حفر النار ﴿كما تقول الرواية﴾!!
لكن تفاجئه بهذا الشكل وحسرته، يدل على عدم إدراكه بأي شيء في القبر.
فالميت يعتبر بمثابة النائم والغير مدرك لما يحصل، ولا يعلم بخفق نعال أحد من المشيّعين ولا غيرهم.
قال تعالى ﴿وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى ٱلْقُبُورِ﴾ فاطر 22
فهو في سبات لا يفيق منه إلّا عند قيام الساعة.

قال تعالى ﴿وَمِن وَرَآئِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ المؤمنون 100
فالمدة الزمنية التي يقضيها في عالم البرزخ، ليست كالمدة الزمنية في الحياة الدنيا.
قال تعالى 
•﴿وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا۟ غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذَٰلِكَ كَانُوا۟ يُؤْفَكُونَ﴾ الروم 55
•﴿أَوْ كَٱلَّذِى مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِىَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْىِۦ هَٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِا۟ئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُۥ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِا۟ئَةَ عَامٍ فَٱنظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ البقرة 259

✅ الخلاصة:
ثق بالله أنه رحمن رحيم واعمل صالحاً، واعلم جيداً أن الله لا يعذب أحداً آمن به وعمل صالحاً، ولا يُخوّفهم ولا يرعبهم.
عش حياتك ودع عنك هرطقات كهنة الدين، فلا يوجد ما يُسمّى بعذاب القبر ولا ضمة القبر ولا #الثعبان_الأقرع ولا #منكر_ونكير، فكل هذه خرافات ما أنزل الله بها من سلطان، والغاية منها هو جعل المسلم دائماً في حالة خوف ورعب، وشعوره بعقدة الذنب، حتى يبقى تابعاً لكهنة الدين ليستفتيهم في كل صغيرة وكبيرة من أموره الشخصية حتى لا يقع في الحرام فيحل عليه عذاب القبر.
وأخيراً، ميزان عملك يوم القيامة في المرتبة الأولى هو العمل الصالح.

#شغّل_عقلك.
الاجابة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إلي الأخت الكريمة مرسلة الرسالة الجواب: 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلي آله وصحبه وبعد :  
أولا هذه الرسالة التي تمتلأ ضلالاً واعتقاداً مخالفاً لما عليه عقيدة أهل السنة والجماعة في ثبوت عذاب القبر ونعيمه ونذكر أولاً عقيدة أهل السنة في ذلك ونورد بعض الأدلة الصحيحة القطعية في ثبوت عذاب القبر ونعيمه . 
ونرد بعد ذلك علي ضلالات تلك الرسالة إن شاء الله تعالي .    
أولاً : إن الإيمان بعذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكين من أمور العقيدة المجمع عليها عند أهل السنة والجماعة .  
روي  البخاري ومسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ) قال نزلت في عذاب القبر فيقال له من ربك فيقول ربي الله ونبيي محمد صلي الله عليه وسلم فذلك قول الله عز وجل ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) 
قوله سبحانه: ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدواً وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) 
قال ابن كثير: ( إن أرواحهم تعرض علي النار صباحاً ومساءا ً إلي يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم إلي النار ولهذا قال (ويوم القيامة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب )  أي أشده ألماً وأعظمه نكالاً وهذه الأية أصل كبير في استدلال أهل السنة علي عذاب البرزخ في القبور وهي قوله ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ) غافر 46 ( تفسير ابن كثير ج12ص19
  والعجب ممن طمس الله بصيرته فادعي أن قوله تعالي النار يعرضون عليها غدوا وعشيا هو عذاب الدنيا الذي حاق بفرعون وقومه من الآيات كالجراد والقمل والضفادع والدم فكيف حرف وجعل قول موسي عليه السلام فلا يأمنوا حتي يروا العذاب الأليم ) ولاشك أن تلك الأيات من العذاب ولكن هل ورد أبدا في اللغة وكلام العرب الذي خوطبنا به أن البلاءات والآيات التي تعد من العذاب في الدنيا يمكن أن تطلق عليها لفظ النار . 
وادعى أن قوله تعالي يعرضون عليها غدواً وعشيا قال ليس في القبر غدواً ولاعشيا . 
ومع أن ذلك من الغيب وقد يكون في القبر غدواً وعشيا إلا أن المعني أنهم يعرضون علي النار في أوقات الغدو والعشي التي يعرفها الناس . 
  ومن أدلة عذاب القبر من القرآن قوله تعالي في سورة التوبة ( وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا علي النفاق لاتعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلي عذاب عظيم ) قال ابن جرير الطبري عن قتادة ( سنعذبهم مرتين ) عذاب الدنيا وعذاب القبر ( ثم يردون إلي عذاب عظيم ) التوبة 101 ) تفسير الطبري ج14ص 442
والإستدلال بالآية بين واضح فلايستطيع مدعي أن يقول إن المقصود بقوله سنعذبهم مرتين هو عذاب في الدنيا لأنه لايمكن لكل منافق من الأعراب ومن أهل المدينة أن يعذبوا جميعهم مرتين في الدنيا ثم يردون إلي عذاب أليم يوم القيامة . 
وإنما المعني أنهم يعذبون مرة في الدنيا بأنواع العذاب المختلفة ويعذبون مرة في القبر مرة أيضاً بأنواع العذاب المختلفة ثم يردون إلي عذاب أليم يوم القيامة  . 
أما الإستدلال بنعيم القبر من القرآن فقد قال تعالي: ( ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) آل عمران 170-169)
روي مسلم عن مسروق قال سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية قال أما إنا سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح حيث شاءت ثم تأوي إلي تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم إطلاعة فقال هل تشتهون شيئاً قالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا يارب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتي نقتل في سبيلك مرة أخري فلما رأي أن ليس لهم حاجة تركوا ) رواه مسلم . 
والآية ظاهرة في أن النعيم والرزق الذي يناله الشهداء عند ربهم في الآية إنما هو في البرزخ ينعمون بدليل قوله تعالي ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم -في دار الدنيا - ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون  ) 
ويؤكد ذلك الحديث ويبين صفة النعيم الذي ينعم به أرواح الشهداء في دار البرزخ . 
أما أدلة عذاب القبر ونعيمه من السنة فنذكر بعضاً منها : 
روي البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ ( اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار ومن عذاب النار  ومن فتنة القبر وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة الغني  وأعوذ بك من فتنة الفقر وأعوذ بك من فتنة الدجال ) رواه البخاري
والفتنة في اللغة الإختبار
وفتنة القبر : سؤال الميت عن ربه و دينه ونبيه ( شرح لمعة الإعتقاد للشيخ ابن عثيمين
روي البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما ( قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي قبرين فقال ( إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لايستتر من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ) 
قال النووي في هذا الحديث إثبات عذاب القبر وهو مذهب اهل الحق ( مسلم بشرح النووي ج2ص206
روي الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة ( الصباح ) والعشي ( المساء ) إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتي يبعثك الله يوم القيامة ) البخاري ومسلم قال ابن حجر رحمه الله في هذا الحديث إثبات عذاب القبر وان الروح لاتفني بفناء الجسد ( فتح الباري لابن حجر ج3ص287)  
روي مسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لما كان يوم الأحزاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  ( ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً حبسونا وشغلونا عن الصلاة الوسطي حتي غابت الشمس )     
وروي البخاري ومسلم ( عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( العبد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه حتي إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه فيقولان له ماكنت تقول في هذا الرجل محمد صلي الله عليه وسلم فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال أنظر إلي مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة قال النبي صلي الله عليه وسلم فيراهما جميعاً وأما الكافر أو المنافق فيقول لا أدري كنت أقول مايقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه ( من ملائكة وغيرهم ) إلا الثقلين ( الجن والإنس ) .  قال النووي: ( قال أصحابنا ( الشافعية ) لا يمنع من سؤال الملكين وعذاب القبر كون الميت قد تفرقت أجزاؤه كما نشاهد في العادة أو أكلته السباع أو حيتان البحر أو نحو ذلك فكما أن الله تعالي يعيده للحشر وهو سبحانه قادر علي ذلك فكذا يعيد الحياة إلي جزء منه أو أجزاء وإن أكلته السباع والحيتان فإن قيل نحن نشاهد الميت علي حاله في قبره فكيف يسأل ويقعد ويضرب بمطارق من حديد ولايظهر له أثر فالجواب أن ذلك غير ممتنع بل له نظير في العادة وهو النائم فإنه يجد لذة وآلاماً ولا نحس نحن شيئاً منها وكذا يجد اليقظان لذة وألماً لما يسمعه أو يفكر فيه ولايشاهد ذلك جليسه منه وكذا كان جبرائيل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره بالوحي الكريم ولايدركه الحاضرون وكل هذا ظاهر جلي وأما ضربه بالمطارق فلا يمتنع أن يوسع له في قبره فيقعد ويضرب ) مسلم بشرح النووي ج9ص 224 )  وهذه الأدلة بعض من أدلة كثيرة متواترة في ثبوت عذاب القبر ونعيمه وهو إجماع أهل السنة ومعتقد أهل الحق جميعا من السلف والخلف قال ابن تيمية أحاديث عذاب القبر ومساءلة منكر ونكير كثيرة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم ( مجموع فتاوي ابن تيمية ج14ص 285
وسئل ابن تيمية رحمه الله عن عذاب القبر هل هو علي النفس والبدن أو علي النفس دون البدن ؟ فأجاب رحمه الله العذاب والنعيم علي النفس والبدن جميعاً بإتفاق أهل السنة والجماعة ( مجموع فتاوي ابن تيمية ج4ص282
 وكل ذلك مثبت في كتب اعتقاد السلف مثل ( شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ج2 ص 163  - كتاب فتح القدير للشوكاني1ص184 - معارج القبول لحافظ أحمد حكمي ج2 ص117   -  )   
وعلي الجملة المنكرون لعذاب القبر هم الخوارج والجهمية وأكثر المعتزلة . 
 حكم من انكر عذاب القبر 
قال الإمام أحمد رحمه الله عذاب القبر حق لا ينكره إلا ضال مضل ( الروح لابن القيم ص77 )    
قال ابن تيمية رحمه الله ( من حجد شيئاً من الشرائع الظاهرة وكان حديث عهد بالإسلام أو ناشئاً ببلد جهل لايكفر حتي تبلغه الحجة النبوية وكذلك العكس إذا رأيت المقالة المخطئة قد صدرت من إمام قديم فاغتفرت لعدم بلوغ الحجة له فلا يغتفر لمن بلغته الحجة ما اغتفر للأول فلهذا يبدع من بلغته أحاديث عذاب القبر ونحوها إذا أنكر ذلك ( مجموع فتاوي ابن تيمية ج6 ص61 

دار الإفتاء المصرية السؤال ينكر بعض الناس أن هناك نعيما وعذابا في القبر فما هو رأي الدين في ذلك الجواب قال الشيخ عطية صقر رحمه الله ( رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر ) نعيم القبر وعذابه ثابتان بأدلة كثيرة منها ( ثم ذكر سبعة أدلة من الكتاب والسنة ) 

أما قول صاحب الرسالة أن القرآن لم يذكر عذاب القبر وأن أبا لهب وهو من هو في الكفر لم يذكر أنه يعذب في القبر .
فهذا يجاب عنه بأنه علي فرض عدم ثبوت عذاب القبر في الكتاب -وهذا غير صحيح كما بينا في الرسالة - علي فرض صحة ذلك فقد ثبت عذاب القبر ونعيمه بآحاديث صحيحة بلغت حد التواتر ولايردها إلا ضال يدعي أنه لايؤمن إلا بما ورد في القرآن ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن منكر السنة يكفر بذلك وهم من يسمون أنفسهم كذباً بالقرآنيين . 
وهؤلاء مقصدهم هدم الشريعة وأصول الدين فمن أين في القرآن مثلا أن الصلوات هن خمس في اليوم والليلة وأين مواقيت تلك الصلوات في القرآن وأين زكاة البقر والغنم وأنصبتها ونصاب زكاة الذهب والفضة وسائر شروط الزكاة من حول مع بلوغ النصاب أين هذا في القرآن . 
وأين في القرآن تحريم الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها . 
وأين في القرآن تحريم أكل الحمار الأهلي وأكل كل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من السباع إلي غير ذلك من الأحكام من المعلوم أن معتقد أهل السنة أن أصول الإعتقاد وكذلك الشرائع تثبت بالكتاب والسنة جميعاً أو بالكتاب وحده أو بالسنة الصحيحة وحدها .
صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه-يعني السنة - لا يوشك رجل شبعان علي أريكته  يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وماوجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا أكل ذي  ناب من السبع ولا لقط معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها .. ... ) 
صححه الألباني في صحيح أبي داود . 
ومن المعلوم أن كثير من المحرمات الثابتة قد ثبتت بحديث آحاد صحيح .
 فكيف بما ثبت بآحاديث متواترة . 

أما قول هذا القائل أن كهنة الدين -كما يقول يرهبون المسلمون بهذا العذاب وأنه يقع بهم أكثر من غيرهم من الكفار مثلا فقد ضل وكذب 
فإن الكافر والمنافقين يعذب في قبره عذاب لا ينقطع عنه أما المسلم فقد يعذب حيناً ويخفف عنه وينقطع عنه بحسب ذنوبه ومن عقيدة أهل السنة أن ذلك العذاب هو من مكفرات ذنوب المسلم . 
ثانياً : الآيات التي ذكرها في ذكر النار وعذاب النار هم يمنع من وجود عذاب النار أن يعذب الكافرون والمتافقون وبعض المسلمين في القبر لايمنع أبداً وقد ثبتت الأدلة بذلك . 
ثم الآيات التي ذكرها في أن من يخرج من قبره ويري النار    أنهم يتفاجئون بها فيقول لو كانوا يعذبون ويرون مقعدهم فكيف يتفاجئون فنقول إن النار وهولها وسمومها وعذابها من يراها عيانا يعلم بيقين انه يفاجأ بها وإن كان يعذب ببعض العذاب في القبر فما يعذب به لا يداني أهوال النار وعذابها . 
وبالجملة أوصى نفسي وإياكم بنهج السلف الصالح والإعتناء بدراسة عقيدة أهل السنة والجماعة من كتب العقيدة لعلماء أهل السنة حتي لايدخل عليكم شبه المبطلين ولاضلالات المضلين

logo